كم عدد الأحاديث المتواترة ، هو ما سيتم شرحه خلال هذه المقالة ، حيث ان الحديث الشريف كلام نقله الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المسلمين ، والحديث الشريف السنة النبوية الشريفة هي المصدر الثاني للتشريع الإسلامي بعد القرآن الكريم ، ولذلك فقد اهتم العلماء بهذا الأمر كثيرًا ، لذلك أولى أهل العلم الكثير من الاهتمام لهذا العلم العظيم والمقدس ، فنظموه وعرفوا الصحيح منه والضعيف.
تعريف علم الحديث
قبل الاطّلاع على كم عدد الأحاديث المتواترة من المهم تعريف علم الحديث، وهو العلم الذي يتمّ من خلاله التعرف على أحوال السند، والمتون ولمعرفة المقبول والصحيح من المردود والضعيف من الأحاديث النبوية الشريفة، وكذلك الآثار الواردة والمروية عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، رضوان الله عنهم، وعلم الحديث من العلوم التي تخصّ المسلمين دون غيرهم من الناس، وهو من العلوم الثابتة والتي تسير على قواعد منهجية.
مفهوم الحديث المتواتر
إنّ الحديث المتواتر هو الحديث الذي تمّت روايته من جماعةٍ من الرواة الذي يستحيل في العادة تواطؤهم على الكذب وأسندوه إلى شيءٍ محسوس، وهو ما نقله الرواة الذين يحصل العلم بصدقهم ضرورة عن مثلهم من أول الإسناد إلى آخره، فقال هو قليل لا يكاد يوجد في روايتهم، والحديث المتواتر هو الحديث الذي بلغت رواته في الكثرة مبلغًا أحالت العادة تواطؤهم على الكذب ويدوم هذا فيكون أوله وآخره ووسطه كطرفيه.
كم عدد الأحاديث المتواترة
يبلغ عدد الأحاديث المتواترة في الإسلام حوالي مائة وعشرة أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ذكر أهل العلم أنه يمكن إدخال كلّ الأحاديث الواردة في الصحيحين في الأحاديث المتواترة، فالتواتر في اللغة العربية يعني التتابع، وقد اختلف أهل العلم في العدد الذي لا بدّ أن يصله عدد الرواة الذين رووا الحديث ليكون متواترًا، والراجح عند جمهور أهل العلم أنّ العدد غير مقيد، والسبب أنه يصعب ضبط العد، والأصل في الأحاديث المتواتر أن يحصل اليقين من عدم الكذب في نقل الحديث بوجود كثرة الرواة، وممّا ذكر أنّ عدد الأحاديث المتواترة هو مائة وعشرة، ويمكن أن يكون أكثر من ذلك والله أعلم.
حكم العمل بالأحاديث المتواترة
ببيان كم عد الأحاديث المتواترة فإنّ أهل العلم وضّحوا أنّ علم الحديث الشريف من العلوم الدقيقة للغاية، وهو من العلوم الغاية في الإحكام، والأحاديث المتواترة هي الأحاديث التي تلقاها أهل العلم بالقبول، وقد جاء ما يقويها ويؤكده ويرفعها إلى مرتبة إفادة العلم، فالمتواتر داء بأسانيد وطريق كثيرة، وذلك يؤكد مضمون الحديث ويؤكد صدوره عن النبي صلى الله عليه وسلم، فالمتواتر من الأحاديث يجب تصديقه والعمل به، فالخبر من الجماعة يؤكده ويدلّ على صحّته والله ورسوله أعلم.
شروط الأحاديث المتواترة
اعتنى أهل العلم في مسألة الأحاديث المتواترة بطرق الأحاديث ورواتها، وذلك لتمييز الصحيح من الضعيف والمقبول من المردود، ووضعوا لكلّ نوع اسمًا اصطلاحيًا، ووضعوا للأحاديث المتواترة عددًا من الشروط وهي:
- أن يروي الحديث عدداً كبيراً من الرواة بحيث يستحيل أن يتفقوا على الكذب فيه، وذلك باختلاف العدد الذي يحصل به التواتر.
- أن يوجد عددٌ كبيرٌ من الرواة في كلّ طبقات السند الذي يستند إليها الحديث.
- أن يعتمد الرواة في خبرهم على الحسّ وهو ما يدرك بالحواس الخمس، كقولهم سمعنا ورأينا، ولا يكون بالظّن ولا التخمين ولا العقل، فلو كان كذلك فلا يصدّق عليه حدّ التواتر.
أنواع الأحاديث المتواترة
إنّ أهل العلم قسّموا الأحاديث المتواترة لقسمين أساسيين، وهما:
- أحاديث متواترة لفظيّة: وهي الأحاديث التي تواترت بلفظها تمامًا كما وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
- أحاديث متواترة معنويّة: وهي الأحاديث التي تواتر فيها المعنى باختلاف ألفاظه، وبتحقيقه لشروط الأحاديث المتواترة، بحيث ينقله جماعة من الرواة الذين يستحيل تواطؤهم على الكذب في وقائع مختلفة في قضايا متعددة، ولكن تشترك في أمرٍ معين، فيتواتر ذلك القدر المشترك.
أمثلة على الأحاديث المتواترة
في حصر أهل العلم عدد الأحاديث المتواترة بلغ عددها مائة وعشرين حديثًا متواترًا، وقال بعضهم أنّه يمكن إدخال كلّ ما هو صحيح في حكم التواتر، ومن الأمثلة على الأحاديث المتواترة، ما يأتي:
- أحاديث الحوض: منه ما رواه ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: “حَوضي من عدنٍ إلى عُمانَ البلقاءِ، ماؤه أشدُّ بياضًا من اللبَنِ، وأحْلى من العسلِ، وأكوابُه عددُ نجومِ السماءِ، من يشربُ منه شربةً لم يظمأْ بعدها أبدًا، أولُ الناسِ ورودًا عليه فقراءُ المهاجرين؛ الشُّعثُ رؤوسًا، الدُّنسُ ثيابًا، الذين لا يَنكحون الْمُتنعِّماتِ، ولا تُفتَحُ لهم السُّدَدُ”.
- أحاديث رفع اليدين في الصلاة: كالحديث المروي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما في كيفية رفع النبي صلى الله عليه وسلم ليديه في تكبيرات الصلاة.
- أحاديث مسح الخفي: وكذلك أحاديث الشفاعة ونحوها.
الفرق بين الأحاديث المتواترة وأحاديث الآحاد
من خلال معرفة كم عدد الأحاديث المتواترة والبحث في معنى التواتر، فإنّ من المهم بيان الفرق بين الأحاديث المتواترة وأحاديث الآحاد، وقد ذكر أهل العلم ثلاثة اختلافات وفروقات بينها، وهي:
- عدد الرواة: فالرواة في أحاديث الآحاد قليل، والرواة في المتواترة يكونون كثيري العديد.
- الاحتجاج: إنّ الأحاديث الآحاد يتّخذها أهل العلم للنظر والاستدلال فيكون الاحتجاج بها بالنظر إلى حال رواتها، أمّا المتواتر فهو يحمل العلم القطعي ويفيد الاستدلال من غير دراسة.
- الخلوّ من العلّة والشذوذ: من الممكن أن يكون حديث الآحاد يحوي بعض العلل والشذوذ ومن الممكن أن يخلو منها، أمّا المتواتر فمن شروطه أن يكون خالٍ من الشذوذ والعلة.
كتب الأحاديث المتواترة
لا يمكن حصر كتب الأحاديث المتواترة في موطنٍ واحد، ولكن نذكر منها:
- كتاب الأحاديث المتواترة التي منها الفوائد المتكاثرة في الأخبار المتواترة، للسيوطي، ويسمّى الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة.
- كتاب اللآلئ المتناثرة في الأحاديث المتواترة لشمس الدين أبي عبد الله محمد بن محمد بن علي بن طولون.
- كتاب نظم المتناثر من الحديث المتواتر.
- كتاب لقط اللآلئ المتناثرة في الأحاديث المتواترة لأبي الفيض المصري.
هنا وينتهي مقال كم عدد الأحاديث المتواترة ، ومن خلالها تم تحديد معنى الحديث المتواتر ، وبيان تعريف علم الحديث ، وكذلك بيان شروط وأقسام الأحاديث المتواترو وأنواعها ، كما ضرب أمثلة عليها وعلى كتب الأحاديث المتواترة التي وضعها أهل العلم.